السبت، 25 ديسمبر 2010

بين حريق الكرمل، وحريق الذات والوعي والتاريخ


بين حريق الكرمل، وحريق الذات والوعي والتاريخ



بدر زماعرة

المدير التنفيذي/ منتدى شارك الشبابي



كان حريق جبل الكرمل قبل أيام مضت فرصة لي للإبحار عميقا في زوايا النفس وخباياها العميقة. اعتصرني الألم وأنا أشاهد أشجارا تكسو كرمل فلسطين (وإن كانت أسيرة الاحتلال والتمييز العنصري)، تأكلها النيران دون رحمة، وكأنها فضلت الانتحار حزنا على أخواتها من أشجار الزيتون التي يستهدفها ذات الجلاد يوميا، أحسست وأنا أشاهد الحرائق أن كل شيء حولنا بات رهن الحريق، إن طال أمد الاحتلال والانقسام أكثر من ذلك... وفي غمرة من التأمل سمعت صوت درويش يردد "أينما وليت وجهك كل شيء قابل للانفجار...".



أخذتني المشاهد "النارية" مجددا إلى مشاهد أخرى أشد إيلاما، كنت أفضل الهروب من مجرد التفكير فيها، رأيت في مكان ما أرضا قاحلة بجلاد وعبيد، تشبه ساحات الإعدام الرومانية، يجلس الجلاد منتشيا لمنظر العبيد وهم يتصارعون، يجلدون بعضهم بعضا، ويشد كل منهم القيود على معصم الآخر، كان أحدهم يرتدي غطاء أخضر، والآخر غطاء أصفر، وفيما عدا ذلك كانوا يشبهون بعض جدا، بل في الحقيقة كانوا أخوة...



لم استفق بعد من مشاهداتي، رأيت فيما رأيت –أيضا- أرضا خضراء تغور في الأعماق آخذة معها قبة ذهبية، وآلاف من حراسها... وعلى هامش هذا الخسف ثمة أشخاص يلهون بمكبرات الصوت، ورايات بكل الألوان، ثم يعودون لبيوتهم، ليأكلون، ويتكاثرون، وينامون...



أشحت بنظري عن شاشات التلفاز، فقد هالني ما رأيت، وأفزعني... لكن تأخذني الأفكار مجددا، لكن هذه المرة عن وعي وبقصد، وأسأل نفسي، بل أسائلها، إلى أين نمضي بتاريخنا الفلسطيني، أي أيد هذه التي تحمل أقدس قضية في التاريخ وأعدلها، هل هؤلاء المؤتمنون على دماء الشهداء، وحبات الزيتون، وطين الأرض؟ هل باتت غابة البنادق، صحراء لقطاع الطريق والحلم؟



كان سؤالي الأخير لنفسي، من لفلسطين، من لناسها، من لشعبها الطيب والمظلوم؟...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق