الاثنين، 27 ديسمبر 2010

منتدى شارك الشبابي يتوجه لمحكمة العدل العليا للطعن في قرار إغلاق مقراته في قطاع غزة




غزة – 27-12-2010 / تنظر محكمة العدل العليا في قطاع غزة غدا الثلاثاء الموافق 28-12-2010 الساعة التاسعة والنصف صباحا في قرار النائب العام في غزة، المستشار محمد عابد، والمتمثل في قرار إغلاق مقرات منتدى شارك الشبابي بشكل مؤقت والذي نفذته الأجهزة الأمنية ( قوة مشتركة من الشرطة الفلسطينية، المباحث العامة، وجهاز الأمن الداخلي) بتاريخ 30 نوفمبر 2010.
وقد أكد منتدى شارك الشبابي في مذكرته على إيمانه بعدالة القضاء الفلسطيني، وطالب المحكمة بإلغاء قرار النائب العام المتمثل في إغلاق مقرات المنتدى حيث أن منتدى شارك الشبابي جمعية خيرية خدمية مسجلة حسب الاصوال وهي ملتزمة بقانون الجمعيات والهيئات الأهلية ولم يسبق لوزارة الداخلية دائرة الجمعيات إن أخطراها أو لفت ننظر المنتدى بوجود خلل إداري أو مالي في عمله أو نشاطه وأكد المنتدى أن النائب العام قد أصدر قراراً تعسفيا غير مألوف وتجاهل نصوص قانون الجمعيات والهيئات الأهلية ولائحته التنفيذية لا سيما نص المادة (41) من القانون الجمعيات والتي تنص( لا يجوز وضع اليد على أموال أية جمعية أو هيئة أو إغلاق أو تفتيش مقرها أو أي من مراكزها وفروعها ألا بعد صدور قرار من جهة قضائية مختصة) وأكد أن المنتدى على عدم وجود أي مسوغ او مبرر قانوني لإغلاق المنتدى، وان الجهة المنفذة للقرار قد بالغت في تنفيذ القرار حيث أن القرار نص على إغلاق فرع شارك بمحافظة غزة، وأكد على ضرورة أعادت فتح فروع المنتدى لأنها غير مشمولة بالقرار.
وأكد المنتدى أن الإجراءات التي قام بها جهاز الأمن الداخلي من مصادرة أجهزة ومعدات للمنتدى منذ ما يزيد عن ثمانية شهور، والاستدعاء المتكرر لموظفي المنتدى ومديره هي إجراءات مخالفة للقانون وباطلة ، وان هذا الجهاز غير مختص بضبط جرائم الجمعيات هذا مع عدم وجود جرائم أصلا، وأكد المنتدى أن طالب مرار وتكرار تصوير أمر الإغلاق إلى أن النائب العام تأخر عن منح الإذن بالتصوير مخالفا الأصول القانونية وطالب المنتدى في مذكرته المحكمة إصدار قرار مؤقت بقبول الطلب شكلا ووقف تنفيذ قرار النائب العام وإعادة فتح مقرات المنتدى.
وكانت عدد من المؤسسات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان قد أدانت قرار الإغلاق وتحدثت على إن هذا القرار جاء مخالف لكافة الأعراف والقوانين المحلية والدولية وفي مذكرة قانونية وجهت من قبل بالمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان إلى رئيس الحكومة في قطاع غزة السيد إسماعيل هنيه أبدا المركز تحفظه الشديد على قرار النائب العام الذي رفضت الأجهزة الأمنية التي نفذت الإغلاق تزويد القائمين على المنتدى نسخة عنه، وجرى الإعلان عنه في وسائل الإعلام. وقد نُقل في وسائل إعلام محددة خبر يحمل توجيه اتهامات على لسان النائب العام وتشهير بحق أربعة أشخاص من بينهم المدير التنفيذي للمنتدى في غزة، خلافاً لقانون الإجراءات الجزائية رقم (03) لسنة (2006)، وجرى تعديل الخبر بعد نشره.
وأوضح المنتدى لوسائل الإعلام، أنه قد بدأ منذ صدور قرار النائب العام بسلسلة من الخطوات القانونية، والإعلامية والشعبية والشبابية، التي تهدف لمواجهة القرار بشكل قانوني، بما يضمن تصويب القرار، وإلغاؤه، والوصول لضمانات رسمية بعدم تكراره إلا بما تقتضيه القوانين والإجراءات المرعية. واعتبر أن تشكيل هيئة الدفاع بمشاركة عربية ودولية تعكس الدور الإيجابي والسمعة العالية التي يحظى بها المنتدى، وذلك عبر خدمته لآلاف الشباب والأطفال في الأراضي الفلسطينية، لا سيما في قطاع غزة، كما يثبت أن المنتدى يلتزم بجميع أوجه أعماله القوانين الفلسطينية، وهو على أتم استعداد لأي إجراءات قانونية، سعيا منه لتكريس سيادة القانون.
مجلس إدارة منتدى شارك الشبابي
في القدس بتاريخ 27-12-2010

الأحد، 26 ديسمبر 2010

من نحن؟

من نحن؟
 

 
 
على مقربة من الوجع أقف ربما أريد أن أشعل روحي إحياء لأرواح غادرتنا بكبرياء لا يضاهيه كبرياء.
وشيء في الظلام يبرق ربما بعضا من الفوسفور المنتظر ، أو ربما هي الأرواح الحزينة لجنود يختبئون خلف دمائهم، تارة وجوه ضاحكة تارة وجوه تبكي ، جميعها لهم بعيون مختلفة ينظرون الحلم فينا ونحن أشباه أحياء يقتلنا زيف سادة الكراسي ولا ننطق ببنت كلمة ، وكأن اللغة تجهل قيدنا، ثم نأتي سكارى نريد أن نحيي ارواحا فدتنا بعمرها ، من نحن لننال هذا الشرف ؟ من نحن؟ ونحن مجرد دمى في مسرح كبير يعالج السرقة بالسرقة، يأخذ طهر الماضي مجده ، يأكل لحمنا وعمرنا وروحنا يغتصب بشراسة احلامنا ..
أتساءل هل إحياء الذكرى الثالثة لمذبحة غزة واجب وطني؟ أم هو قرص يفقدنا الذاكرة ويجدد شريان المساعدات الإنسانية لرعاة حُكموا بالحديد والنار؟
الساعة تركض سريعاً نحو الحقيقة ، وكلنا عراة من الأخلاق الوطنية عراة من الهوية ،نريد أن نقترف النفاق ألف إثم بحقهم ، لنقف نصلي لذكراهم نبكيهم ، نشجب غدر العدو وشراسته .
يفصلنا عن الذكرى مسافة قصيرة لتتأهب جميع الكروش الممتلئة بأحلامنا الميتة أن تعتلي المنابر وتصرخ بفم قذر " سحقاً للعدو " ،
وأنا أتابع سيل أفواههم بالوعود الكاذبة والتمرد الزائف، وأذكر طفلا قال لي أنهم ذبحوا أمه أمام عينيه ،  بكيت وقتها كثيراً والآن أبكي دماً لأن مثل هؤلاء يأخذوا دوما دور البطولة ، وذلك الأب الذي تذوق طعم دم ابنه ليشعر بخلود روحه يعتكف على جرحه يبكي لا يتذوق جرحه غيره ، ونحن نقف ورائهم نصفق ونصفق ونصفق انتصرت المقاومة من هم ليتحدثوا عن المقاومة من هم ليرووا لنا مأساة طفلة استيقظت فوجدت نفسها وحيدة بين الركام ، من هم ليحدثونا عن آلاف العائلات التي تسكن تشردها بلا مأوى ، هل شعر احدهم بصقيع تلك الليالي السوداء ، هل بكى آخر ابنه ؟!!
تدق الان الساعة الثانية عشر لتبدأ السنة الثالثة لذكرى محرقة غزة ونحن عراة من طهرهم من براءة أرواحهم من روح القدس فيهم من كل شيء، نبكي بصمت كما نذّل بصمت كما نقتّل بصمت ..
وداعا لمن شاءوا الرحيل وشاءهم هو لطهرهم، اختارهم لأنهم لا يستحقون الغربة في وطن يعشق دمائهم ..

أين نذهب ؟! أجيبوني


 حدثني جدي أنه حين اغتصبت بلدتنا لم يتوقع أنه لن يعود  ذلك المساء
لأنها وطنه..
 
أذكر حزن صوته
 
كما أذكر ذلك اليوم جيدا حين ظننت أن المسألة لن تتجاوز ساعات ،
 
 وأننا لن نصمت لأن القضية قضية الحرية
 
ولكنني كلما مر الوقت أغرق في الاكتئاب والاحباط اكثر ،،
 
أيعقل أن لا نعود ؟
 
أن نقف ثكالى كما يقف أجدادنا نبكي حقنا المغتصب
 
 وهل صدقت جارتنا أم حسين حين قالت " لم يتبقى لنا غير كرت التموين" ؟
 
كرت التموين ، العار الملتصق بنا إلى الأبد
 
ولكن أقولها بأعلى صوتي العار هو ما حدث وما يحدث يوميا من انتهاكات لنا
 
انتهاكات بأيدينا نحن
 
أين نذهب ؟! أجيبوني
 
يوجعني ظلمك يا وطني ،، ويسمّني الصمت المستفحل فينا

السبت، 25 ديسمبر 2010

منتدى شارك الشبابي يعتبر العام 2010 عام عزز خيبة الأمل لدى الشباب الفلسطيني، كنتيجة حتمية للانقسام الداخلي

 
 
تيجة تردي حالة حقوق الإنسان
منتدى شارك الشبابي يعتبر العام 2010 عام عزز خيبة الأمل لدى الشباب الفلسطيني، كنتيجة حتمية للانقسام الداخلي
رام الله – منتدى شارك الشبابي 13/12/2010- أكد منتدى شارك الشبابي، أن العام 2010، عزز من خيبة الأمل التي يعاني منها الشباب الفلسطيني، الناتجة عن تصاعد شعورهم بالإحباط والخيبة تجاه الأحزاب السياسية الفلسطينية وعدم ثقتهم فيها كنتيجة حتمية للانقسام الداخلي ، وبسبب القيود المشددة على الكثير من المجالات الرئيسية لمشاركة الشباب وتعزيز دورهم المجتمعي، ومن المخاطر الصحية والنفسية الناجمة عن اعتداءات قوات الاحتلال الإسرائيلي واستهدافها القطاع الشبابي على وجه الخصوص، وارتفاع نسب الفقر ومعدلات البطالة خاصة بين أوساط الخريجين الجدد.

وحذر منتدى شارك الشبابي، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده أمس، في مقره برام الله، وتحدث فيه مديره التنفيذي بدر زماعرة عن الظواهر التي تعرض لها الشباب الفلسطيني خلال العام الماضي 2010، وتطلعاتهم وآمالهم في العام الجديد 2010. جهات المسؤولية بالضفة وقطاع غزة، والدول المانحة من المخاطر الناشئة عن الإضعاف المتواصل للشباب وتأثيراته النفسية وإمكانية تحوله إلى طاقة تدميرية لا يسلم منها المجتمع الفلسطيني ككل، مشددا على ضرورة الارتقاء بفرص مشاركة الشباب في الحياة المدنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية ووقف حالات الاستقطاب الحادة التي يتعرض لها الشباب في شقي الوطن.

وأكد زماعرة أن معدلات البطالة المتصاعدة بين غالبية الشباب الفلسطيني تجعلهم منكشفين وهشين وفي الغالب يفتقدون الحس بالهدف والقدرة على اكتساب الموارد الضرورية، مشيرا إلى أن الفقر والضائقة الاقتصادية في الأراضي الفلسطينية المحتلة آخذ في الازدياد، وان البطالة تخلق مجموعة واسعة من العلل الاجتماعية التي يكون الشباب عرضة لآثارها المدمرة، منتقدا بشدة، إحباط الشباب بسبب غياب التشريعات الخاصة بالشباب ، مبينا أنه لا يوجد في القانون الأساسي ما يحمي حقوق الفئات الشابة، وعن إحباطهم بسبب مستوى الحماية الاجتماعية وفرص الأمن والأمان والسلامة والصحة المهنية فكثير من الحوادث التي تعرض لها الشباب مؤخرا ناتجة عن انعدام معايير الصحة والسلامة المهنية .

وأشار إلى كارثة العمل في انفاق غزة وما تشكله من تهديد وانعدام أي نظرة للحياة الكريمة بالإضافة لتهتك النسيج الاجتماعي والقيمي لدى الكثير ممن يعملون تحت تلك الظروف المأساوية.
وقال: إن الوضع الحالي بالنسبة لبطالة الشباب وخيم، لا سيما في قطاع غزة. كما أن التوقعات السائدة حاليا تبدو قاتمة. فالأراضي الفلسطينية المحتلة تعيش حالة من الأزمة الاقتصادية، تتسم بارتفاع كبير في مستويات البطالة والفقر، منوها إلى أن هذه المعدلات تقوض أسس المرحلة الانتقالية التي يمر بها الشباب وتحتجزهم كرهائن في فترة حرجة من حياتهم، محذرا من العواقب المتعلقة بالشباب والتي تؤثر على المجتمع ككل صعبة بشكل خاص، كما يتضح ذلك من خلال ارتفاع أعداد الشباب الذين يتجهون نحو الانضمام إلى الجماعات المسلحة لتأمين مصدر للدخل والمكانة.
وأكد زماعرة إصابة الشباب الفلسطيني بشكل متزايد بخيبة أمل من الحياة السياسية وخوفه من الانخراط في الفصائل وعدم قدرته على تأمين فرص العمل والكفاح حتى لملء أوقات فراغه ، بل حتى الخوف من التعامل مع هذه الأحزاب، وان هذا الانفصال عن السياسة الحزبية يتعلق جزئياً بخيبة الأمل وعدم الإيمان وعدم الثقة بالفصائل الفلسطينية. وحتى قبل وصول النزاع الداخلي الفلسطيني إلى ذروته الدموية في حزيران/ 2007، محذرا من الآثار المدمرة على الشباب وسلامة حياتهم بسبب الانقسام السياسي والجغرافي الداخلي بين الضفة وغزة، والعنف الداخلي والقمع السياسي من الممارسات الشائعة.

وقد شدد زماعرة في حديثه أن أحد أهم الانتكاسات التي تعرض لها الشباب في فلسطين عام 2010، إغلاق مقرات منتدى شارك في قطاع غزة، والتي حرمت عشرات آلاف الشباب والأطفال من الخدمات والمشاريع المقدمة لهم. حيث جاء قرار الإغلاق دون أي أساس قانوني، حيث يمثل قرار الإغلاق تكريسا لنهج التضييق على الحريات العامة، والمؤسسات الأهلية في قطاع غزة. وطالب زماعرة في هذا السياق الجهات المسؤولة في قطاع غزة بالعودة عن هذا القرار، والاحتكام لسيادة القانون، كما ناشد المؤسسات الأهلية والحقوقية بحشد الجهود للدفاع عن حق المؤسسات والمواطنين في قطاع غزة بحرية العمل، والرأي والتعبير والعمل السياسي، مبديا في الوقت ذاته أهمية أن يتم حماية التراث التعددي الديمقراطي في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة على حد سواء.

في الوقت الذي حمل فيه زماعرة دولة الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن المخاطر الصحية والنفسية والجسدية التي يتعرض لها الشباب الفلسطيني من خلال استمرار سلطات الاحتلال في انتهاك قانون حقوق الإنسان الدولي والقانون الدولي في ما تمارسه من أفعال ضد المدنيين الفلسطينيين، حيث يتواصل تدهور الصحة البدنية والنفسية للفلسطينيين الشباب، فيما يلقي العنف وانعدام الأمان بظلاله على واقعهم اليومي.

وطالب زماعرة الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني الصحية بالعمل على ضمان إنتاج وتعميم بيانات صحية خاصة بالشباب تستطيع أن تصب في صالح بناء السياسات والخدمات على أساس من البراهين، وتوسيع خدمات تعزيز الصحة والخدمات العلاجية بناءً على ما يتوفر من بيانات صحية على المستوى الوطني، منوها إلى أن ازدياد حدة الفقر الناتج إلى حد كبير عن القيود التي تـفرضها دولة الاحتلال الإسرائيلي على الحركة والوصول يتسبب بارتفاع مستوى انعدام الأمن الغذائي وما يرافق ذلك من سوء تغذية وفقر دم.

وفي الوقت الذي طالب فيه زماعرة الحكومة الفلسطينية، ومؤسسات المجتمع المدني، بالعمل على تعميم وتوسيع تقديم الخدمات والبرامج الشبابية القادرة على تخفيف بعض العواقب الوخيمة للاحتلال والنزاع الداخلي على أقل تقدير. فانه شدد على وجوب أن يحصل الشباب الفلسطينيون على المساحة التي يمكنهم فيها أن يفكروا ويعملوا ويسعوا لتحقيق أهدافهم. وتوسيع القدرة على الوصول إلى المرافق الترفيهية والرياضية والاجتماعية والصحية بالنسبة للفئات التي تفتقر إليها.

وطالب كذلك بالتزام كافة الدول بإجبار إسرائيل على الامتثال للقانون الدولي، بدءا بإنهاء الحصار على غزة، والوقف المطلق للاعتداءات العنيفة ضد الشعب الفلسطيني، وانتهاء بوضع حد لستة عقود من الاحتلال والهيمنة الاستعمارية.

بين حريق الكرمل، وحريق الذات والوعي والتاريخ


بين حريق الكرمل، وحريق الذات والوعي والتاريخ



بدر زماعرة

المدير التنفيذي/ منتدى شارك الشبابي



كان حريق جبل الكرمل قبل أيام مضت فرصة لي للإبحار عميقا في زوايا النفس وخباياها العميقة. اعتصرني الألم وأنا أشاهد أشجارا تكسو كرمل فلسطين (وإن كانت أسيرة الاحتلال والتمييز العنصري)، تأكلها النيران دون رحمة، وكأنها فضلت الانتحار حزنا على أخواتها من أشجار الزيتون التي يستهدفها ذات الجلاد يوميا، أحسست وأنا أشاهد الحرائق أن كل شيء حولنا بات رهن الحريق، إن طال أمد الاحتلال والانقسام أكثر من ذلك... وفي غمرة من التأمل سمعت صوت درويش يردد "أينما وليت وجهك كل شيء قابل للانفجار...".



أخذتني المشاهد "النارية" مجددا إلى مشاهد أخرى أشد إيلاما، كنت أفضل الهروب من مجرد التفكير فيها، رأيت في مكان ما أرضا قاحلة بجلاد وعبيد، تشبه ساحات الإعدام الرومانية، يجلس الجلاد منتشيا لمنظر العبيد وهم يتصارعون، يجلدون بعضهم بعضا، ويشد كل منهم القيود على معصم الآخر، كان أحدهم يرتدي غطاء أخضر، والآخر غطاء أصفر، وفيما عدا ذلك كانوا يشبهون بعض جدا، بل في الحقيقة كانوا أخوة...



لم استفق بعد من مشاهداتي، رأيت فيما رأيت –أيضا- أرضا خضراء تغور في الأعماق آخذة معها قبة ذهبية، وآلاف من حراسها... وعلى هامش هذا الخسف ثمة أشخاص يلهون بمكبرات الصوت، ورايات بكل الألوان، ثم يعودون لبيوتهم، ليأكلون، ويتكاثرون، وينامون...



أشحت بنظري عن شاشات التلفاز، فقد هالني ما رأيت، وأفزعني... لكن تأخذني الأفكار مجددا، لكن هذه المرة عن وعي وبقصد، وأسأل نفسي، بل أسائلها، إلى أين نمضي بتاريخنا الفلسطيني، أي أيد هذه التي تحمل أقدس قضية في التاريخ وأعدلها، هل هؤلاء المؤتمنون على دماء الشهداء، وحبات الزيتون، وطين الأرض؟ هل باتت غابة البنادق، صحراء لقطاع الطريق والحلم؟



كان سؤالي الأخير لنفسي، من لفلسطين، من لناسها، من لشعبها الطيب والمظلوم؟...

فتنة داحس والغبراء

فتنة داحس والغبراء ... من الانقسام السياسي إلى إنتاج ثقافة الانقسام: الخطاب الإعلامي نموذجا

قدم الانقسام السياسي بين حركتي فتح وحماس، مضمونا وممارسة نمطا جديدا لم يألفه الحقل السياسي الفلسطيني من قبل، دون أن ندعي هنا أن التاريخ السياسي الفلسطيني اتسم بديمقراطية ناضجة أو تعددية سياسية راسخة، لكن مع قصور التجربة الفلسطينية ما قبل الانقسام إلا أن مظاهر الاختلاف السياسي والمعارضة بقيت ضمن حدود الالتزام بالقواسم الوطنية المشتركة، وحرمة الدم الفلسطيني (مع بعض الصدامات المتفرقة التي غذتها عوامل إقليمية)، والحفاظ على الوحدة الوطنية الفلسطينية، سياسيا، واجتماعيا، وجغرافيا.

أما جديد ما وصل إليه الانقسام الفلسطيني الأخير، فهو "إبداع" حالة من الفصل السياسي والجغرافي والاجتماعي والثقافي، وتكريسها عبر ممارسات إقصائية وصلت حد النفي والإبعاد (كما حصل مؤخرا من منع لشخصيات فلسطينية من دخول قطاع غزة)، والقتل والاعتقال، والتي بجميعها تؤدي دورا أعمق مما سعى الاحتلال إليه في العقود السابقة، من تفتيت وتشظية للمجتمع الفلسطيني ككل.

وبعيدا عن رصد هذه الممارسات الإقصائية، فإن اللافت للنظر أن الحديث عن الحوار الوطني منذ نحو أربع سنوات، والعودة للوحدة الوطنية، لم يرافقه أي مظهر للترويج لفكر الوحدة الوطنية، بل على العكس تماما، تفنن طرفا الانقسام في تدوير ماكينة الخطاب الانقسامي، عبر الوسائل الإعلامية والمتحدثين الرسميين وغير الرسميين لكلا الطرفين. فأي متابع عادي للمواد الإعلامية لا يلاحظ أي محاولة منها لتنقية الأجواء، بل الإمعان في تعكيرها، ونقل أجواء الانقسام من المستوى السياسي، للمستوى الشعبي المجتمعي، كنوع من كسب تأييد أوسع قاعدة جماهيرية لهذا الطرف أو ذاك، وفي نفس الوقت تعبئة جمهور كل طرف بنوع من "الحقد" السياسي على الطرف الآخر ومشايعيه.

ومن الملاحظ أيضا، أن الشريط الإخباري على سبيل المثال لا الحصر، يكرر طيلة اليوم أخبار اعتقال قوات عباس لكوادر حمساوية (على حد وصف قناة الأقصى)، واعتقال أجهزة الأمن المقالة/ أو مليشيا حماس لكوادر من حركة فتح (على حد وصف قناة فلسطين او الجزيرة)، وقد يصل التكرار حدا يعتقد المتابع لأي من الفضائيتين أن الاعتقالات تتم بعشرات الآلاف يوميا، رغم أن موقفنا هنا أن الاعتقال السياسي مرفوض جملة وتفصيلا بغض النظر عن عدد المعتقلين، إلا أن هذا التكرار، والتركيز الإخباري، ونوعية الخطابات التي يتم الترويج لها، تحاول أن تجعل من حالة الانقسام أمرا يتغلغل وعي المواطن، بل أنه عنوان الحالة السياسية الفلسطينية، فيما يتراجع التناقض مع الاحتلال تدريجيا.

وبذات سياق خبر الاعتقالات المتبادلة بين حركتي حماس وفتح، وهي عادة تتناول اعتقال عشرات، يكمل الشريط الإخباري ما يلي: "قوات الاحتلال تعتقل ثمانية، أو تسعة أو عشرة مواطنين في أنحاء مختلفة من الضفة الغربية"... وهنا نتساءل هل عدد مناضلينا المعتقلين يوميا من قبل الاحتلال، أقل من هؤلاء الذين تطحنهم فتنة داحس والغبراء؟ إنه لمن المؤسف حقا، أن يتم التعاطي مع الانقسام بهذا القدر من اللامسؤولية، والمصلحية المؤقتة، فإن كان لدى أي من الطرفين أجندات دولية أو إقليمية أو ذاتية للإبقاء على الانقسام، نرجوهم أن يبقى بحدود السياسية، لا المجتمع وقضيته ودمه ونضاله...