الأربعاء، 16 فبراير 2011

مشكلة منتدى شارك: هل الحكومة تدير مجتمعاً أم حزباً؟!


بقلم: سمير زقوت-غزة

راودني كثيراً أن أكتب عن مشكلة منتدى شارك الشبابي، وكنت أتردد عندما أسمع عن حوارات وعن فرص حقيقية لإنهاء المشكلة بما يضمن حرية ممارسة المنتدى لنشاطاته كمؤسسة أهلية فلسطينية.
من المعروف أن مشكلة منتدى شارك بدأت بجملة واسعة من المضايقات والاستدعاءات الأمنية لموظفيه ومتطوعيه ومجلس إدارته وصولاً إلى إغلاق مقراته كافة في قطاع غزة، ومن بينها مقرا الشمال وغزة إغلاقا مؤقتاً بقرار من النائب العام فيما بقية المقرات من دون إتباع إجراءات قانونية بحيث لا يعرف أحد سبب الإغلاق ولا الجهة التي أصدرت قرار الإغلاق.
وأصبح معلوماً لكل من يتابع مشكلة شارك بأن القانون ما هو إلا مطية أو مدخلاً، وعلى رغم ذلك فإن استخدامه كان بعد سلسلة من الإجراءات الترهيبية التي شنت على المنتدى ونشطائه سواء بشكل رسمي منهجي، من خلال استمرار التحقيقات والاستدعاءات والتسريبات التي ترافقها وتلمح حيناً وتصرح أحياناً أن التحقيقات تدور حول قضايا وجرائم شرف وما إلى ذلك، ما يفت في عضد من يريد أن يبذل جهوداً جدية وحقيقية من أجل إنهاء الأزمة. فلا أحد في ثقافتنا معني أن يدافع عن قضايا من هذا النوع، أو من خلال حملة شعواء تشن على المواقع الإلكترونية التي تشّهر بالمنتدى ونشاطاته.
وفي الحقيقة يكتشف كل من يتابع أن هناك قراراً بإغلاق منتدى شارك، وهو قرار لا علاقة له بالقانون ومحدداته؛ لأن التصريحات التي تصدر عن مسئولين ونواب في التشريعي، وآخرهم النائب مشير المصري في برنامج تحت قبة البرلمان، تشير إلى أن هناك سعياً جدياً لإغلاق شارك إغلاقاً نهائياً حفاظاً على شبابنا وأخلاقهم، وأننا بحاجة لنشر ثقافة المقاومة بين الشباب وليس ثقافة منتدى شارك.
هنا أعتقد أن مشكلة حكومة غزة ومن ورائها حركة "حماس" تكمن في أنها تختزل الوطن وقيمه وتنصب نفسها قيماً على الأخلاق والقيم على نحو يخالف القانون، في وقت يحظر على أحد - أياً كان - أن يحاكم السلوك والأداء الحكومي خارج نطاق القانون الفلسطيني ومحدداته. وأن شعر المرأة وشيشتها وكيفية جلوسها، ورقص الدبكة للإناث، وسير اثنين سوياً من دون أن يحملا عقد الزواج على صدورهم، أحبت الحكومة في غزة أم كرهت هي أمور لا يحظرها القانون، وأن ثقافة الاختلاط هي جزء أصيل من ثقافة شعبنا منذ القدم، ففي البيدر والمارس أثناء الحصاد ورعاية الأرض المرأة كانت ند الرجل بل وأكثر، وكانت الشقيقة والرفيقة على درب الكفاح الوطني والشواهد تعد ولا تحصى، ومع ذلك فإن معيار السلوك يجب أن يكون دائماً مرتبطاً بالقانون.
هناك ممارسات على الأرض تُفرَض على المؤسسات الثقافية، كمنع الدبكة الشعبية والاختلاط فيها وطبعاً فإن اللباس الشعبي للنساء ليس مفضلاً بقدر الجلباب، علماً بأن عدونا يعمل جاهداً لاستلاب هذه العادات والفنون من ثقافتنا، مدعياً أن هذا هو لباسهم الشعبي الفلكلوري وألبَسَه لمضيفات طيران العال لفترة طويلة. ومن يتابع تلفزيون العدو يرى الرقص الشعبي الفلسطيني (الدبكة) واللباس الشعبي الفلسطيني يقدم في سهراتهم. وهنا يثار تساؤل ما مصلحة الوطن في منع وعدم تشجيع هكذا نشاطات، اتركوها لغيركم إن رأيتم فيها مخالفة لقناعاتكم واحرصوا على احترام القانون كسلطة تحكم بالقانون.
 وفي هذا إغلاق شارك شأنه شأن كثير من المؤسسات التي دوهمت وجرى الاستيلاء على مقتنياتها ومن ثم أغلقت تحت مبررات العثور على أشياء مخلة بالآداب ...الخ، وكأن معظم خصوم الحكومة هنا هم منحرفون وكأن زمن أفلام الجنس التي توزع بين المراهقين لا يزال قائماً، لا أدري إذا كان مشاهدة أفلام الجنس على القنوات الفضائية الأوروبية هو محظور أيضاً ويمكن أن يعاقب عليه الشخص وإذا كان يعمل في مؤسسة أيضاً يمكن أن تغلق! ألا يعتبر منع الأطباق اللاقطة المتحركة واجباً على الحكومة ضمانه وكذلك منع تعدد الرؤوس على اللاقط؟!.
ماذا يعني وصف أحد المتنفذين أننا لا نريد شباباً مائعاً، ومن قال أن شارك وشبابها وشباب فلسطين هم هكذا؟ لقد قدر لي أن أعيش الحرب على غزة عاملاً لأقوم بواجبي في إيصال الصوت والصورة، وكان لافتاً ومفهوماً اختفاء الساسة وقت الحرب، كان لافتاً اختفاء الموظفين الحكوميين، فالشرطيون أصبحوا هدفاً ورجال الدفاع المدني وحتى المسعفين التابعين لوزارة الصحة وخدماتها العسكرية وبالطبع اختفت الوزارات تقريباً من الميدان وقت العدوان كان خوف الجميع مفهوماً لأن العدو حوَّلهم إلى هدف.
وكان لافتاً لكل من تابع الأوضاع نشاط منتدى شارك، كان لافتاً دور شارك، كان لافتاً أداء شباب شارك الذي لم يرى البعض منا منهم سوى الجل والفيسبوك. لقد تحول متطوعو ونشطاء شارك إلى خلايا نحل تدور على مراكز الإيواء توزع الماء الصالح للشرب وأغذية وأغطية، بل كانوا يوزعون الابتسامة على الأطفال أينما حلوا كان يحاولون إخراج الأطفال من واقع الصدمة فهم خبراء في التنشيط ولذا تتمسك فيهم وكالة الغوث في تنفيذ برامجها.
خلاصة القول ونحن في عصر تهب فيه رياح ثورات يفجرها شباب الجل والفيسبوك ويلحق بهم بقية الركب من إسلاميين وعلمانيين وماركسيين وفلول الثورجية، في زمان كهذا لا يجوز لمن يدعي حكماً رشيداً أن يتجاوز القانون - وأقول هنا يتجاوز لأن الإغلاق المؤقت بغرض التحقيق اقترب من إنهاء شهره الثالث ولم نرى أي نتائج لهذا التحقيق– لأن تجاوز القانون والاستبداد صنوان.
في هذا الزمان الذي انبرى فيه شباب شارك لبلسمة جراح أبناء شعبهم لا يجوز أن يمس بشرفهم وسمعتهم وسمعة مؤسستهم ويجب التمييز بين خطأ أو تجاوز قد يقع فيه فرد وبين مشكلة قانونية تواجه عمل مؤسسة مع أنه يجب على من يريد مصلحة وطنه أن يساعد كل مؤسسة تخطأ عن جهل أو بحسن نية ولا يتعامل بمنطق المتصيد الذي يرغب في إغلاق كل مؤسسة تخرج عن نطاق أيديولوجية حكمه وحزبه.
أعتقد أننا يجب أن لا نتعامى عن حقيقة أننا تحت احتلال، ونناضل من أجل حرية الأرض والإنسان فلا يجوز وتحت أي تفسير أو تبرير أن نستبد بشعبنا، حتى لو ارتكبت رام وحكومتها الخطايا كلها، يجب أن نعزز الحرية كقيمة بين أبناء شعبنا بكل أطيافهم الدينية والثقافية والسياسية لأن هذا فقط هو الضمان الوحيد لأن ننتزع حريتنا وأن لا نسمح لأي كان باستعبادنا من جديد.
علينا أن نعلي من قيمة القانون وسيادته وأن نفصل ونميز بين ما نعتقد أنه الأخلاق الإسلامية الصحيحة وبين المسموح والممنوع الذي نظمه وحدده القانون، ويجب أن لا ننسى في كل الأحوال أننا حكومة تدير مجتمعاً وليس قيادة تدير حزباً؟

هناك تعليقان (2):

  1. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  2. تابعوا أخر الوظائف و المنح و الدورات التدريبية و المؤتمرات على مدونتي

    http://forus-ps.blogspot.com

    ردحذف