الثلاثاء، 4 يناير 2011

للعام الجديد غمزة عين ...

للعام الجديد غمزة عين ...
بقلم: جاكلين صالح أبو طعيمة

غمزة عين للعام الجديد .. لن يفهمها سوى الراحل 2010 .. فهي ذاتها التي غازلته في أول يوم له في غزة ... الغمزة تلك لا يعرفها إلا اليوم الأول في كل عام يخطو عتبات البيوت ... لكن العين هذه المرة لسمراء مكتحلة بكحل كاجل عربيّ...
تزيد الغمزة حدة التوتر لليوم الأول فيطل باستحياء وخجل فهي المرة الأولى التي سيطرق بها أبواب الحارات ويُشاع ذكره بين الصغارو الكبار... يتلمس خطواته بحذرٍ.. يقترب ليداعب الصغار في يوم إجازتهم التي قد حظوا بها ليفرحوا بمجيئه .. يجد أنه هامشاً في حياتهم لأن عقولهم الصغيرة لم تعتري لزيارته ... وتابعوا لعبهم وصراخهم بعيداً عن خجله الذي لم يرعي انتباههم...
يقبض شفتيه بحنق ويطير بين البيوت والصغار والأقلام وشاشات الإنترنت وعمال البطالة يبتسم كم جميل هذا العالم .. تنبسط شفتيه ويضحك مزلزلاً كل صدئ 2010 .. يتنقل من مكان لمكان فراشةً تزهو بجمالها ... يلملم بقايا سابقه ويلقيها إليه في حقائبه التي حزمها قبيل الرحيل ... ويعود لجولته الأولى من جديد .. وظنَّ أنه قد جمع كل رواسب سابقه وخلت الأرض إلا من استقباله ... في بداية جولته كان عالياً يطير فوق البيوت والحارات ... تنظر العيون وفي العقل سكون ... بادل الأدوار وأعمل عقله وترك للسمع مجال بين الضجيج فإذ به لا يسمع عن اسمه شيء إلا صراخ أمهات على أطفال ولعنات للإجازة التي تركتهم كالسعادين يعيثون في البيت خراباً ... والأخ لازال طود حقد على أخيه وزوجته ... ولسان النميمة يدور على الآذان هنا وهناك ... يفترس هذه ويلوك عرض تلك ... والقلوب تصدأ أكثر ... والفقر يسكن الزوايا .. وممالك الكره تتسع ... والقروش القليلة لا تكفي الأفواه المفتوحة ... وعقوق الوالدين تستشري سرطانا في جسد الأبناء والأحفاد لا يقتل إلا الأمهات والجدات ... وسرقة الحقوق . ودعاء المظلوم .. وأنين بات غريباً عن الليل وأعلن حزنه للنهار ... وكومات أحزان وهموم تكفي لئن يعرفها أكثر من عمره ..

بدأ يعود لصاحبة الغمزة من جديد .. يعاتبها .. كيف جاء ولملم رواسب سابقه ووجد كل شيء كما كان ... لم تحدثه لكنها أومأت له بأن الحزن لا يرحل من سكنه كما تخيل .. والفقر لا يغيره يوم أو عام .. والنميمة مرض وجوع للحوم البشر يأكلونها فلا تشبعهم ... والكراهية والصدأ في القلوب تأصل وتجنزر ...
توابع الصدمة أرعدته فأزالت غشاوة الغمزة عنه ... وعرف بأنه ليس إلا يوم في عمر ... يوم لم ينتبه إليه الصغار والكبار ولم يكن له وجود إلا في رسائل قصيرة عبر الأجهزة الخليوية فلم يعني أحد مما أرسل رسالة بأنه سعيد به أو بأنه قد جاء بخيره وسيحمل ظلم سابقه وفقره ولعناته ..
صاعقة تؤلمه تزلزله ... يطير مجددا ... يلف الحارات بيومه الأول ... يجمعها يحملها يغنيها يلاعبها .. أنين من بعيد يباغته ... يصله ينظره .. إنه للعين الكحلى ... بل التي كانت كحلى .. أغرقه الدمع فجعل كحلها أنهاراً على سمرتها .. أنهاراً تغرقه وتغرقها .. تبسم لها فزالت حتى ابتسامتها ...
يتحشرج صوته ألماً ويغنيها يدللها ... فما يرضيها ... يتركها ويدور مرة أخرى يجد أن كل شيء قد تكدر ... يلملم فرحته التي كانت ونشوته بغمزتها ... ويركع للسماء لربٍ لا يسمع سواه دمعتها ..
يركع صارخاً باكياً لقلوب صدأت وعقوق جحدت وفقراً يسكن ... وأمعاء تتمزق جوعاً ... ومليحة تبكي نميمتهم ... يبكي ظلماً أقام له في الأرض قصوراً وتملك وتوطن ... يصرخ لرب لا يسمع سواه صرخته ...
تعانقه الأرض والسماء حزناً ... يرسل الأعظم من كل عظيم رشات مطر بل زخات تغسلهم برحمة من عنده لا يعلمها إلا من قال يارب فهون عليه ربه همه ... يتساقط المطر الذي كان قد هجر كل تلك البيوت والشجر ... يبتهل الجميع ... يحمدون الله على عطيته في يوم 2011 الأول ...

تتزاحم رشات المطر على نوافذ البيوت التي لم يغسلها شتاء العام الماضي وتنفرج شفاه لطالما بقيت محزونة ... وتتنافس أعين الصغار على النوافذ لترقب اليوم الأول الذي جاء بخيره وجماله ... يا لجمال عامنا الجديد ...
ينتفض الفرح في عامنا ... تسكن معالمه الحياة ... تزهو معه الفرحة ... يثبت زياراته في بيوتنا .. ويفرش متاعه ليسكننا ... يعيش معنا ... يشاركنا ... وأمله في مطر أرسله ربه بأن نتغير مثلما تغير معه شيء جميل كنا ننتظره ... يثبت نظره للأعلى والأمل يعانقه ويقول الجميع يارب ..

إذا جاءكم العام الجديد فقولوا يارب وقرروا بأن تغيروا حياتكم للأفضل ........

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق